تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
67534 مشاهدة
فتاوى تتعلق بالطلاب


س 90: وسئل -وفقه الله- إذا صدرت من الطالب سلوكيات سيئة كأن يرمي بعض زملائه الطلاب بكلمات بذيئة، أو أساء مع مدرسه، أو تعاطى بعض المواد الضارة كالدخان أو أشرطة فاسدة أو إحضار صور خليعة ونحو ذلك، فهل يقتصر في علاجه على التوجيه والنصح وتخويفه بالله؟ أم يجمع مع ذلك العقاب البدني؟ وهل يكون ذلك علنًا ليراه جميع الطلاب؟ وهل هناك ضابط في عدد الضرب أم يترك لإدارة المدرسة تقرر ذلك؛ لكونها تعرف ملابسات تلك المشكلة؟
فأجاب: لا شك أن المسئولية في هذه السلوكيات على الإدارة التي يلزمها مراقبة الطلاب وتتبع أحوالهم والحفاظ على سلامتهم من الأخطاء والمخالفات، سيما إذا كانوا في سن الصغر، كمن دون البلوغ فإنهم مستهدفون والسهام مسددة نحوهم لاقتناصهم وإغوائهم؛ كي يقعوا فريسة للغواة والمفسدين الذين يدعونهم إلى الوقوع في الرذائل والمنكرات.
وأقبح ذلك وأخطره شرب الدخان، وهو الذي يبتلى به الكثير من السفهاء والجهال، فمتى وقعوا فيه فلا تسأل عن الأخطار والأضرار التي يقعون فيها من المسكرات والفواحش والعصيان والمخالفات وصحبة الأشرار، فمتى عثر على طالب دون البلوغ وهو يتعاطى شرب الدخان -ولو خارج المدرسة- فإن واجب الإدارة الأخذ على يده وعقوبته التي تردعه وتردع أمثاله إذا أصر واستمر وأكثر من تعاطيه، وتكون عقوبته عليه بضرب وإيقاف وحرمان اختبار وفي النهاية الطرد من المدرسة، فإنه كالبعير الأجرب ينتقل مرضه إلى الأصحاء بسرعة، وواجب المدرسين الذين عرفوا مثل هذا نصحه بخفية، وتخويفه وتحذيره من الأضرار والأمراض التي تنتج عن هذا الداء الدوي، وكذا على المدرسين عمومًا أن ينصحوا الطلاب في أثناء الحصص عن الانخداع بدعاة الضلال الذين يدعون السفهاء والجهال ليصطادوهم في الماء العكر، وينصبوا لهم الفخاخ وحبائل الشيطان، فمتى أكثر المدرس مع الطلاب التحذير من هذا المرض الفتاك فلعل ذلك ينبه الغافل فيأخذ حذره،ٍ ولا يرعوي إلى من يزين له الوقوع في تعاطي الدخان أو نحوه.
وهكذا ينصح الطلاب عن البذاءة والأقوال الرذيلة والسخافة في الكلام، ورمي الطلاب أو بعضهم بالسباب والعيب والقذف والثلب وشنيع المقال، وسيئ الكلمات التي يتعزز منها أهل المروءة والفضل، فمتى صدرت من أحد الطلاب كلمات سيئة في حق زملائه أو إساءة فعل مع المدرسين فإن الإدارة لها أن تعاقبه بما تراه مناسبًا، والمرجع في ذلك إلى حالة الطالب وملابساته، وما حمله على هذه الإساءة، والسماع لعذره أو لحجته، والنظر في أخلاقه وآدابه، ولا شك أنه يقع التفاوت الكثير بين الطلاب في هذه الأوصاف، فيعاقب كل بما يستحق، ولو وصل الأمر إلى الطرد والحرمان من الدراسة، أو إلى نشر سمعة عنه في داخل المدرسة، وإعلان عن جرمه وتشهير به داخل الفصول أو خارج المدرسة؛ فإن التهاون في عقوبة هؤلاء تؤدي إلى تماديهم في غيهم وانجذاب الآخرين إلى محاكاتهم.
وهكذا يعاقب من يروج أشرطة الأغاني الماجنة، أو يدخلها معه في الفصول، أو يحضر الصور الخليعة للنساء المتبرجات، لا يتساهل معهم، فتارة ينصح من يفعل ذلك ويخوف من العقوبة في الدنيا والآخرة إذا عرف بأن النصح يفيد معه، وقد يكون النصح الخفي أقرب إلى التقبل والامتثال، وأحيانًا يعرف أنه ليس أهلا للنصح ولا يستفيد من الناصح، فيحتاج إلى العقوبة البدنية بالجلد والضرب والصفع الذي ينزجر بمثله، فإن رجي انزجاره اكتفي بذلك سرًّا، وإن عرف أنه من الدعاة المفسدين احتيج إلى إعلان العقوبة أمام الطلاب وعلى مرأى ومسمع من الجميع.
فأما الضابط في العقوبة فقد ورد في الحديث عن أبي بردة مرفوعًا: لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى متفق عليه والجلد هنا جلد تأديب على أخلاق وصفات تدنس العرض وتسيء السمعة، فإن هذا التأديب يقتصر فيه على عشرة أسواط، فأما إن كان في عقوبة على ذنب أو معصية فلا مانع من الزيادة على عشرة أسواط؛ لأن حدود الله -تعالى- هي العقوبات على المعاصي ولو لم يرد تقديرها وتحديدها، والله أعلم.